ميزانية 2017- نظرة متفائلة، تحديات وحلول قادمة

المؤلف: محمد العصيمي08.11.2025
ميزانية 2017- نظرة متفائلة، تحديات وحلول قادمة

كما قد تتفقون معي، أجد أن ميزانية عام 2017 كانت أفضل مما توقعت، خاصةً وأن بعض الوزراء لم يتواصلوا معنا بشكل مقنع أو كافٍ على مدار السنة بأكملها. ونتيجةً لذلك، نشأ نوع من انعدام الثقة لدى الجمهور فيما يتعلق بالمستقبل. هذا يستدعي مراجعة وتصحيح شاملين لإستراتيجية الخطاب الحكومي، مع التركيز على جودة هذا الخطاب ومضمونه. الأرقام التي تضمنتها الميزانية والتقدم المحرز في خفض العجز تبعث الطمأنينة في نفوس المواطنين، مؤكدةً أنه على الرغم من التحديات الإقليمية المحيطة بالمملكة وتراجع أسعار النفط، فإن الدولة تمتلك إرادة قوية لـ (التدبير) الاقتصادي الرشيد. هذه الإرادة تمكنها من الحفاظ على مستوى معيشة المواطنين وعدم التأثير سلبًا على حياتهم، في ظل الظروف الاقتصادية العالمية المتغيرة التي تؤثر على الجميع. الحكومة أثبتت أيضًا قدرتها الفائقة على ترشيد أجهزتها والتخلص من الزوائد البيروقراطية المتراكمة على مدى عقود. مع ظهور استحقاقات اقتصادية جديدة، أصبح من الضروري الاعتراف بهذا الترهل ومعالجته بشكل جذري. يجب أن يكون أول إجراء في غرفة العمليات الاقتصادية هو إزالة هذه الزوائد وإخضاعها لعمليات إصلاح شاملة، بدلًا من الاكتفاء بإجراءات التجميل المؤقتة التي أثبتت فشلها الذريع. من أبرز الإيجابيات التي حملتها الميزانية الجديدة هو التأكيد على برنامج حساب المواطن، الذي يهدف إلى توجيه الدعم الحكومي إلى مستحقيه الفعليين. إذا تم تطبيق هذا البرنامج بجدية وفعالية، فسنتمكن من القضاء على استفادة الأثرياء من الدعم المخصص للفئات ذات الدخل المحدود. هذه النقطة تحديدًا كانت وما زالت محور اهتمام الناس بعد إعلان الميزانية. من الضروري تبسيط آليات البرنامج وتقديمها إعلاميًا بشكل واضح ومفهوم، مع تجنب الوقوع في الأخطاء والقرارات العشوائية التي شابت بعض البرامج السابقة. إضافةً إلى ذلك، كشفت الميزانية الجديدة عن تفعيل حقيقي لدور القطاع الخاص. لطالما سمعنا، حتى من بعض الوزراء، أن مشاركة القطاع الخاص لا تزال محدودة وتقتصر على الوعود والشعارات، دون أن تصل إلى مستوى التأثير المطلوب. الميزانية الجديدة تشدد على الدور المحوري لهذا القطاع في تعزيز الاقتصاد وزيادة الدخل الوطني. ننتظر بفارغ الصبر رؤية التطورات في هذا المجال، خاصةً في إطار الإستراتيجيات والخطط التي ستجعل القطاع الخاص عنصرًا فاعلًا ومؤثرًا في تنويع مصادر الدخل. المشروعات المتوسطة والصغيرة حظيت باهتمام ملحوظ من قبل الوزراء بعد صدور الميزانية، وهذا أمر إيجابي. ولكن، مثل وضع القطاع الخاص، تحتاج هذه المشروعات أيضًا إلى تفعيل الإستراتيجيات والخطط الموجودة بالفعل، لكي تحقق قفزات نوعية في المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي وتمكين الشباب من تحقيق طموحاتهم في ريادة الأعمال. أخيرًا، لم أسمع، أو ربما لم أنتبه، إلى وجود حلول لمشكلة البطالة التي تؤرق الجميع. هذه المشكلة تتطلب إرادة مماثلة للإرادة الصلبة التي أظهرت في إدارة الوضع الاقتصادي للبلاد خلال العام الماضي. ربما يتم الاعتماد على الحلول التلقائية من خلال تطوير آليات السوق أو من خلال مؤسسات القطاع الخاص، على غرار ما هو معمول به في العديد من الدول الأخرى.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة